احجية
لو طلب منك أن توزع 17 بيضة على ثلاثة أفراد: لأحدهم النصف وللثاني الثلث، وللثالث التسع،على ألا تكسر منها حتى بيضة واحدة وأن تعطي كل ذي حق حقه, فماذا تعمل؟
قد تقول:حق الأول نصف ال17 وذلك 8.5 وحق الثاني ثلث ال17 وذلك 5.7 بيضة وحق الثالث تسع ال17 وذلك 1.9 بيضة. وبذلك تكون قد كسرت 3 بيضات. ولو قلت: أعطي الأول 8 بيضات, والثاني 5 بيضات والثالث أعطيه بيضة واحدة، ويبقى معي 3 بيضات, أبيعها، وأعطي الأول ثمن نصف بيضة والثاني ثمن ثلثي بيضة والثالث ثمن تسعة أثمان بيضة، ويبقى مبلغ زهيد أتصدق به. هذا حل مقبول إذا قبلت الأطراف مبدأ البيع، عندئذ لا يبقى في الأمر حكاية تحكى. أما إذا رفض أصحاب الحق مبدأ البيع فما العمل؟
الحــل
جابهت هذه المشكلة قاضي بغداد, فحلها حلا لبقا, وإليك القصة:
كان موسى بن شاكر صديقا للخليفة العباسي المامون, ونشات بينهما صداقة من أيام الطفولة, وامتدت إلى عهد خلافة المامون. وكان موسى كلما خرج من بغداد ترك أولاده الثلاثة: محمدا وأحمد والحسن, في عهدة صديقه. وقد شاخ موسى وخلف ثروة أنفقها أولاده في خدمة العلم والعلماء,وكانوا ينافسون المامون في جمع المخطوطات النادرة, وبذل المال في سبيل نقلها إلى العربية. ولقد برزوا في العلوم الرياضية, حتى كانوا في طليعة الرياضيين في زمانهم.
ولما مات أبوهم, ترك وصية عهد بتنفيذها إلى المامون, وقبلها أبناؤه احتراما لرغبته, فعهد المامون بتنفيذ ما يتعلق منها بالخيل إلى قاضي بغداد. وجابهت القاضي مشكلة، فقد جاء في الوصية أن نصف الخيل لمحمد وتسعها لأحمد والباقي للقاضي, فلما عدت الخيل, كانت سبعة عشر جوادا, بلا زيادة أو نقصان. فاحتار القاضي, وتهامس الإخوة بخبث أنهم سيربكونه.
قال لهم: تتشاركون في بعض الخيل؟ فقالوا: لا. قال:تتبايعون؟ قالوا: لا. قال:فما الحل عندكم؟ قالوا: هي مشكلتك أنت.
فتاكد القاضي أنهم يبغون إحراجه. وكان فطنا ذكيا, فضم حصانه الأشهب إلى خيل موسى بن شاكر, فصارت 18 حصانا: أعطى محمدا نصفها وذلك تسعة جياد، وأعطى أحمد ثلثها، وذلك ستة وأعطى الحسن تسعها وذلك جوادان. فكان مجموع ما أخذوه 17جوادا هي تركة أبيهم. وبقي حصان القاضي للقاضي. فبهت أبناء موسى.ثم قالوا له: خرجت أنت المغبون, لم تأخذ شيئا مع أن لك سهما في التركة؟ قال:ألستم راضين؟ لا ظالم ولا مظلوم؟ قالوا: بلى قال: حسبي ذلك. فما بالخيل وحدها يحيا الانسان.